الثلاثاء، 28 يناير 2014

انتحال شخصية الطبيب دكاترة بلا شهادات!!




تحقــــيق : بـــــثينة دهب السوداني
حتى وقت قريب كانت جريمة الانتحال تقتصر على القوات النظامية بصورة كبيرة، فعادة ما نسمع عن إلقاء القبض على منتحلي شخصيات أفراد شرطة أومباحث، لكن ما يثير الدهشة هو انتحال صفة طبيب، باعتبار أن الطب مهنة حساسة تتعلق بأرواح البشر، لكن الواقع يؤكد ذلك وخير دليل هو مادونته كشوف الشرطة.

 
 ففي العام السابق آثار طبيب عطبرة المزيف ضجة واسعة ولنقف على قصته فقد تم القبض عليه وهو يمارس عمله بمستشفى عطبرة التعليمي لعدة سنوات دون كشف حقيقة أمره. وأنه ظل ممارساً للمهنة بمستشفى عطبرة لمدة «6» سنوات أجرى خلالها العديد من العمليات الجراحية دون أن يكون حاملاً لأي مؤهل أكاديمي وبحسب ماورد عنه أن بدايته كانت من داخل مدينة بورتسودان عندما ذهب برفقة صديقه إلى المستشفى لزيارة أحد المرضى وتصادف وجود حادث مروري نقل على إثره عدد من المصابين إلى داخل المستشفى، وفي تلك اللحظة عندما هم «م» وصديقه بالخروج وإذا بأحد الممرضين يطلب منه مساعدته في حمل (الدرب) لكنه تردد على المستشفى بعدها عدة مرات لدرجة جعلته يدخل العمليات الصغيرة ويشاهد كيف تخيط الجروح، واستمر في تلك المسرحية. لكنه عاد إلى الطب عبر بوابة أخرى بتعرفه على بعض طلاب كلية الطب أجاد خلال تلك الفترة الإنجليزية وحفظ المصطلحات الطبية وكرر نفس السيناريو بمستشفى عطبرة حيث كانت بداية النهاية، فلم يكن يتقاضى مرتباً لأنه لم يكن مقيداً لكنه دائم الشكوى بأن الراتب لا يسد الرمق وهو يعمل إضافة لممارسة الطب سائقاً لركشة لكن عدم تحرير ورقة إجراءات التأمين الصحي لأحد منسوبي الشرطة كانت بمثابة بداية النهاية لهذا المسلسل المثير لـ(طبيب عطبرة المزيف).

مزيد من النماذج
ومن عطبرة نتجه غرباً إلى طبيب نيالا المزيف الذي تمكن من فتح عيادة وصيدلية، وكان يمارس من خلالهما عمله، وعرف بأنه خريج جامعة عربية (دبلوم باطنية) وكانت نهايته بواسطة شكوك إحدى المريضات، وكذلك المطرب الذي أسس عيادة بمدينة شندي وقد ساعده في انتحال هذه المهنة إلمامه ببعض المصطلحات الإنجليزية ومن نيالا إلى الجنينة حيث (الخضرجي ) الذي كان يعمل بود مدني ولا يحمل شهادة سوى الأساس لكن الأقدار ساقته أن يكون طبيباً بمستشفى الجنينة لعدة سنوات حاملاً شهادات مزورة من جامعتين. و يعمل بهذه الشهادات طبيباً منذ أكثر من عشر سنوات فى عدة ولايات منها الجزيرة والخرطوم وغرب دارفور، ثم آخر تلك النماذج أطباء الشهداء. كل تلك النماذج رصدها الإعلام في العام الماضي إضافة إلى عيادتي الشهداء في الأيام الماضية.


اهتزاز ثقة
بعد سرد القصص سالفة الذكر، دعونا ندلف إلى أهل الاختصاص (الأصليين) الذين تذوَّقوا طعم الدم في سبيل حصولهم على شهادات ورُخص مزاولة مهنة الطب. يقول المدير العام (السابق) لحوادث مستشفى الخرطوم بحري دكتور عبد الرحيم حمد: إنَّ ظاهرة انتحال شخصية الطبيب بدات في التنامي والانتشار بصورة مزعجة في الفترة الأخيرة وهذا ما يجعل المواطن يفقد المصداقية في التعامل مع الطبيب وتنتشر أكثر في المناطق الطرفية بالعاصمة لأنها مترامية الأطراف وتظهر صور أخرى تعكس تلك الظاهرة مثل تجول بعض الأجانب الذين يدعون أنهم يعرفون الطب، ثم جانب آخر كالعربات التي تحمل الأعشاب البلدية ويدعي منسوبوها أنهم يعالجون كمية من الأمراض بواسطة عشبة معينة وعزا حمد الأمر إلى ضعف الرقابة إضافة إلى عدم إلمام المواطن بالثقافة الصحية وبحثه المضني على المشافي الأقل سعراً دون الاكتراث إلى حقيقتها. ويوافقه الرأي عضو مجلس نقابة أطباء السودان دكتور محمود عبود مضيفاً بأن المنتحلين مارسوا الطب بطريقة أو بأخرى كأن يكونوا ممرضين اولهم علاقة وطيدة مع أطباء وغيرها وضعف الرقابة هو العامل الأساسي في هذا الجانب وكذلك غياب ثقافة الشكاوى عند المواطن ومعرفة حقوقه يشكل جانباً آخر وتلك الظواهر تجعل الثقة بين المواطن والطبيب مهتزة. 


أما المدير الطبي لحوادث مستشفى الخرطوم دكتور نزار بابكر فيرى أنَّ مشاكل الانتحال ليست قاصرة على الطب فقط بل هي مرتبطة بكل المهن الأخرى.. واستدرك دكتور نزار بقوله إن الأمر يرجع برمته إلى ضعف الرقابة وأن المنتحل ربما تكون له علاقة بالطب مثلاً قد يكون مفصولاً من إحدى الكليات أو له علاقة بأي فرع من فروع الطب إضافة إلى ذلك الجانب النفسي فبعض الناس لايفرقون بين الممرض والطبيب فيتعاملون معه على أساس أنه طبيب ولهذا الجانب أثر سالب على الضعفاء الذين يتعاملون مع (المزيفين) على أساس أنهم أطباء. ويؤكد دكتور بابكر أن الأسباب كلها ترجع لعدم الثقافة الصحية وقصور الإعلام الطبي إضافة إلى ضعف الرقابة الطبية والجانب القانوني فإذا تمت معالجة هذه المسببات سوف ينصلح الحال.
ضعف رقابة
ضعف هيبة الدولة وضعف الرقابة هي العامل الأول في ظهور تلك الحالات.. بتلك العبارة ابتدر الأمين العام لجمعية حماية المستهلك السودانية الدكتور ياسر ميرغني وقال:" إن عيادتي الشهداء لن يكونا الأخيرتين في ظل غياب العقوبات الرادعة والرقابة القوية فكيف يعمل هؤلاء؟ وأين يتم فتح البلاغ ؟إذا تعرض الناس لمثل تلك الحالات فكثير من الاسئلة تدور بالأذهان". وأضاف ميرغني لابد من تشديد الرقابة على المشافي والمراكز والعيادات وكل مايتعلق بالحقل الطبي لأنه جانب حساس مرتبط بحياة البشر إضافة إلى أن يحمل كل طبيب في أي مرفق كان سجلاً يحمل اسمه ورقم تسجيله الطبي من خلال (اللابكوت) الخاص به كما يفعل مع منسوبي الشرطة.
جريمة داخل جريمة
ولمعرفة الأمر من ناحية قانونية تحدث إلينا المحامي الأستاذ نبيل أديب قائلاً:" إن الأمر من الناحية القانونية يقع تحت عدد من المواد بالقانون الجنائي إضافة إلى قانون الصحة العامة، وهذا النوع يعتبر أشد أنواع الجرائم لأنه يحتوي على عدة مواد جنائية كما ذكرت منها الأذى وأحياناً الأعمال الفاضحة لأن المريض قد يتعامل مع الشخص على أساس أنه طبيب كأن يخلع ملابسه بغرض الكشف عليه إضافة إلى الانتحال الذي يقع تحت طائلة المادة (93)".
ضعف الميزانية..!!
"بخصوص متهمي عيادتي الشهداء فالحقيقة إنهم فنِيو أسنان يعملون على أخذ المقاسات وغيرها من فنيات الأسنان ولا يوجد بينهم طبيب واحد ولديهم ترخيص بأنهم فنيون هذه حقيقة ماجرى"، بتلك العبارة ابتدر دكتور أحمد الشيخ نقيب أطباء السودان، مضيفاً، "إن الإعلام تناول الأمر على أنه انتحال وهو غير ذلك، وعن الظاهرة بصورة عامة فهي ترجع إلى عدم إلمام البعض بالثقافة الصحية مع أن البعض لايذهب إلى أي طبيب من (طرف) وفي سبيل البحث عن الأقل سعراً لابد من التأكد من هوية العيادة أو الطبيب المعالج ثم تأتي لاحقاً مسألة السعر"، ويضيف الشيخ أن أولى خطوات محاربة الظاهرة هو تكاتف الدولة مع المجلس الطبي وجهات المراقبة التي تتبع للوزارة فالمجلس سابقاً ضرب أروع الأمثل في ضبط المهنة لكن الآن ضعف الميزانية تسبب في ضعف الأداء الرقابي فعلى الدولة الاهتمام بميزانية تلك الجهات لتؤدي دورها على أكمل وجه.



رقابة دورية
طرحنا الأمر على وزارة الصحة الولائية باعتبار أن بعض منتحلي الشخصيات عملوا بالخرطوم فأجابنا الناطق الرسمي باسم الوزارة دكتور المعز حسن بخيت أن الأمر ليس بالسهل ولايستطيع أي شخص مزاولة المهنة مالم يحمل ترخيصاً بإنشاء عيادة من إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة بالوزارة أما عن ضعف الرقابة فهذا الأمر غير صحيح، فالوزارة تقوم بعمل رقابة دورية على العيادات والمستشفيات ولديها فروع بالمحلية فإذا كانت هناك عيادات حديثة يتم التأكد من الترخيص الخاص بها وفيما يخص العيادات التي تبقى لافتاتها لكن أصحابها غير موجودين نفى بخيت هذا وقال:" أي طبيب يخطر الوزارة أنه سوف يترك العيادة لأغراض السفر مثلاً أو أن هناك من ينوب عنه في غيابه فأمر الرقابة موجود وعلى مستوى الأجهزة والتراخيص وغيرها"، لكنه استدرك قائلاً:" إن الأعداد الهائلة للمشافي جعل الأمر لا يتكرر يومياً ومن الصعوبة إجراء ذلك فالرقابة تكون شهرياً فمثلاً لدينا أكثر من (3000) مستشفى و (160 ) ألف صيدلية إضافة إلى المستوصفات الخاصة أما فيما يختص بالعقوبة لمنتحلي الصفة نحن فقط في وزارة الصحة نقدم المتهم للنيابة ولا يحق لنا تطبيق القانون.
قسم المهنة
حملنا أوراقنا واتجهنا صوب المجلس الطبي السوداني لمعرفة الضوابط التى يتم تسجيل الأطباء على أساسها والتي بدونها لا يتم اعتماد أي شخص لمزاولة مهنة الطب فأولى الخطوات التي تتم بحسب محدثنا حافظ صلاح من قسم التسجيل أن جميع كليات الطب ترفق إلى المجلس بعد التخرج مباشرة إفادات بالعدد المتخرج فتبدأ إجراءات الاعتماد من الأمين العام، ثم يبدأ التسجيل التمهيدي وهو أولى الخطوات ويؤدي بعدها القسم ثم تقام بعدها محاضرة تمهيدية عن ممارسة المهنة لطبيب الامتياز يحاضر فيها رئيس المجلس الطبي وبعد شهادة التسجيل التمهيدي يتم توزيعه على المرافق حسب توجيهات وزارة الصحة فيمارس خلالها المهنة لمدة عام كطبيب امتياز لكن ليس لديه اختصاصات كالتوقيع على روشتة أو أورنيك جنائي لأن هذا تخصص الطبيب العمومي أو الاختصاصي المشرف عليه بعد انتهاء الفترة يقسم إلى أربع فترات كل فترة مدتها ثلاثة أشهر ترفع خلالها تقارير عن أداء الطبيب في تلك المدة بواسطة إدارة التدريب والامتياز بوزارة الصحة بعد أن يكمل العام يبدأ
امتحان ممارسة المهنة إذا تم اجتيازه يصبح الطبيب طبيباً عمومياً ويأخذ شهادة التسجيل الدائم أما إذا لم يجلس للامتحان فهذا يحرمه من الحقوق كفتح عيادة أوصيدلية وغيرها ويظل طبيب امتياز فقط، أما بخصوص التسجيل الدائم أفادتنا حميدة مصطفى أنه يبدأ بعد معرفة نتائج الامتحان بملء الاستمارة الخاصة والتى تحوي بعض المعلومات مثل رقم التسجيل والعنوان ترفق مع ذلك شهادة التسجيل التمهيدي فإذا لم يؤد الطبيب الخدمة الوطنية لا تعطى له شهادة تسجيل دائم حتى لو اكتملت كل الخطوات. ويضيف حافظ قائلاً : بحسب الخطوات تصبح ممارسة الاختصاصي ثلاث سنوات إضافة إلى تسجيله من التخصصات الطبية أما ليكون استشارياً فتمنح له الصفة بعد سبع سنوات من الممارسة.






































0 التعليقات:

إرسال تعليق

ترقيم الصفحات